![]() |
|
« آخـــر الــمــواضــيــع »
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() مسلم بن عقيل .. سفير فوق العادة 4 محرم 1447 هـ || أم حسين بوحليقة لمسلم بن عقيل قصة عشق قديمة.. فلطالما بهرتني شخصيته الفذة والمتفردة على جميع الأصعدة، وليس ذلك بعجيب!! فله مقام عالٍ وكبير ورد ذكره على لسان الرسول صلى الله عليه وآلــه. فعن ابن عباس قال: قال علي (عليه السلام) لرسول الله صلى الله عليه وآلــه: ( يا رسول الله إنك لتحب عقيلا؟ قال: إي والله، إني لاحبه حبين: حبا له، وحبا لحب أبي طالب له، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلي عليه الملائكة المقربون. ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآلــه حتى جرت دموعه على صدره، ثم قال: إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي ) * وإليكم بعض الخصال الشريفة لمسلم بن عقيل والتي استحق بسببها كل هذا الحب*(2): أولا-امتاز مسلم بن عقيل بخاصية الفقاهة، فقد كان فقيهاً من فقهاء الهاشميين الذين نشأوا على يد أمير المؤمنين عليه السلام. ثانيا-عفته وحياؤه، فعندما قالت له طوعة إنه لا يصلح لك الجلوس على باب داري ولا أحله لك فقم إلى أهلك عافاك الله، قام منكساً رأسه حياءً منها وعفة عن النظر إليها وهو يقول : (أمة الله ما لي في هذا المصر أهل ولا عشيرة). ثالثا-أنه الشجاع الذي قاوم الكوفة العظيمة بعزم وثبات. رابعا-أنه الأبي الذي كان يرتجز على القوم ويقول: (أقسم لا أقتل إلا حرًا ولو رأيت الموت شيئاً نكرا). خامسا-أنه صاحب القوة الجسمية الذي كان يضرب بالرجل الرجل فيقعا ميتين، ويأخذ الرجل ويرمي به فوق السطح. سادسا-أنه صاحب القوة الروحية الذي ما ذل ولا خشع ولا استكان ولا خضع لابن زياد لعنه الله. وغيرها من الصفات التي لا يسع المجال لذكرها.. * مسلم بن عقيل ومقام السفارة: عُرف مسلم بن عقيل بأنه كان سفير الإمام الحسين عليه السلام، وهو مقام لا يصل إليه أيشخص كما هم سفراء الإمام الحجة (عج). ولنتعرف في وقفة سريعة على معنى كلمة (سفير) والمهام التي توكل إليه كما هو متعارف بين منظمات وقوانين الدول. السفيرفي اللغة هو الرسول أو المصلح بين قومين.*(3) أما السفير في القانون الدولي فهو مَبْعوث دبلوماسي رفيع المستوى يمثل بلاده في بلد آخر أو منظمة دولية.*(4) ويمكن تلخيص أبرز مهام السفير في النقاط التالية*(5): مبعوث رسمي وممثل للدولة: السفيرهو ممثل رسمي لدولته في جميع الشؤون الدبلوماسية والقنصلية. علاقات دبلوماسية: يعمل السفير على بناء وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين دولته والدول الأخرى. حماية المصالح: يسعى السفير إلى حماية مصالح بلاده ومواطنيها في البلد المضيف. التواصل والتفاوض: يقوم السفير بالتواصل والتفاوض مع الجهات الرسمية في البلد المضيف، و في معظم الحالات، يكون السفير هو رئيس البعثة الدبلوماسية لبلاده. وبشكل عام، يعتبر السفير هو الواجهة الدبلوماسية لبلاده في الخارج. وهناك درجة دبلوماسية أعلى تسمى (سفير فوق العادة)، وهي تمنح صلاحيات أوسع للسفيرفي تمثيل بلاده وإبرام الاتفاقيات. ويتمتع السفير أيضا بعدة حقوق وامتيازات بموجب القانون الدولي، أهمها *(6): الحصانة الدبلوماسية: فالسفير محصن من القضاء الجنائي والمدني والإداري للدولة المضيفة، ولا يجوز توقيفه أو احتجازه أو مقاضاته. حرية التنقل: يتمتع السفير بحرية التنقل داخل أراضي الدولة المضيفة، باستثناء المناطق المحظورة. الحماية الشخصية: يتلقى السفير حماية خاصة من قبل الدولة المضيفة لضمان سلامته وسلامة أسرته وموظفي السفارة. إن المواصفات التي توفرت في مسلم بن عقيل أهلته لتسلم السفارة الحسينية في الكوفة وعمل على الكثير من الأمور ومهام السفراء، مثل التمهيد لقيام الثورة في الكوفة من خلال استقطاب العديد من الأنصار، و توطيد الأحوال لنجاحها بالرغم من عدم سقوط الكوفة بيد الثوار .. وغيرها من المهام الصعبة التي أدارها بكل حكمة و دراية رغم ديموغرافية المجتمع الكوفي الشائكة و المعقدة و انتشار الكثير من العقائد المنحرفة و التيارات الفاسدة التي تحكمها المصالح والمحسوبيات.*(7) لذا مسلم لم يكن سفيرا عادياً، بل كان سفيرا فوق العادة و رجل التحديات والمهات الصعبة، ليس لأن الإمام الحسين عليه السلام منحه صلاحيات أوسع كما هو متعارف بين القوانين الدولية للسفراء، بل لأنه كان يمثل نفس الحسين عليه السلام عندما وصفه بأنه ثقته كما ورد على لسانه الشريف في كتابه: ((بسم الله الرحمن الرحيم.. من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أمابعد.. فان هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم، وكانا آخر من قدم علي من رُسُلِكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم، ومقالة جُلّكم أنه ليس علينا إمام، فأقبٍل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى، وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل..)) (8) وصدق من قال الرسول دليل عقل المرسل. ويكفي مسلم فخرا أنه وصل إلى مقام السفارة المُمَثل والمبعوث من الإمام المعصوم. مثل هذه الشخصية الفذة لم يكن من السهل على الجهاز الأموي اصطيادها، خصوصا أن مسلم كان يعمل على نظام استثنائي من الحذر الشديد جعل المخابرات الأموية تدخل في حالة من الطوارئ للقبض عليه. ولكن من هوان الدنيا أن يجري على السفير و الممثل المبعوث من المعصوم كما جرى علىمسلم بن عقيل!! فكل حقوق السفير وامتيازاته انتهكت وبأبشع صورها.. فأين الحصانة عندما طارده عسكر ابن زياد؟! وأين حرية التنقل والحماية الشخصية عندما حاصروه ومنعوا عنه الماء و رموه من أعلى القصر؟!! أهكذا يُعامَل السفراء!! ولعل مصائب الإمام الحسين عليه السلام بدأت بشكل فعلي بعد مقتل مسلم بن عقيل، حيث غيّرت هذه الأحداث خارطة الطريق حتى وصلت به إلى كربلاء.. من يقرأ التاريخ ومجريات الأحداث التي جرت على مسلم بن عقيل يجد أنها نفسها نفسها أحداث العصر بكل مقوماتها وعواملها !! الغدر .. الخيانة .. موت الإرادة من ضعاف النفوس.. والعيون أولا: غدر أهل الكوفة بسفير الحسين عليه السلام المُرسَل بكُتُب منهم. ثانيا: موت الإرادة من ضعاف النفوس بعد تهديدات ابن زياد، مما جعل أهل الكوفة يتسللون كالجبناء من خلف مسلم وهو يأمهم في الصلاة، ليلتفت ويجد نفسه يواجه مصيره وحيدا. ثالثا: الخيانة، و انتشار عيون الظالمين بين أزقة كوفان، فلولا الوشاية بمكان مسلم (بإحداثيات عالية الدقة) طمعا في جائزة الأمير، ومباغتته في عقر الدارما استطاع ابن زياد وجهازه العسكري الوصول إليه وقتله. ومع توفر هذه العوامل _وهي متوفرة دائما في كل زمان و مكان_ يصل الظالم إلى هدفه، بأسلوب الطعنة من الخلف، لأنه أجبن وأضعف من أن يواجه، ظانا أنه المنتصر (إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف). مسلم بن عقيل لم يكن فقط سفيرا وممثلا عسكريا للحسين عليه السلام، بل مثّل الحسين في مصائبه أيضا، مثّل الحسين في غربته .. و وحدته.. و عطشه .. حتى في أولاده حيث طوردوا وشُرّدوا و قتلوا غدرا. مسلم بن عقيل كانت له طفلة يحبها جدا اسمها حميدة، أوكلها إلى ابن عمه قبل سفارته إلى الكوفة وغدر أهلها به وخلَّفَها يتيمة، كما هي رقية يتيمة الإمام الحسين عليه السلام. ورغم كل ذلك كان مسلم يقاتل بكل شجاعة حتى آخر قطرة دم تنبض في عروقه، باذلا في الحسين مهجته، موطنأ على لقاء الله نفسه. حتى لقى الله شهيدا. يا مسلم بن عقيل يا بن أبي طالب، يا سفير الحسين، يا ابن عم رسول الله .. يا حجة الله على كل خائن و غادر وظالم .. إنا توجهنا بدمائك الطاهرة التي سُفكت ظلما وعدوانا واستشفعنا وتوسلنا بك إلى الله، وقدمناك بين يدي حاجاتنا.. يا وجيها عند الله اشفعلنا عند الله.. إنا لله وإنا إليه راجعون ______ (2)مسلم بن عقيل محنة شهيد وملحمة شهادة/السيد علي محمد الحلو/ ص 44-48 بتصرف. (3)معجم المعاني. (4)السفير|ويكس|معهد المعلومات القانونية. (5)المرجع السابق بتصرف. (6)المرجع السابق بتصرف. (7)مسلم بن عقيل محنة شهيد وملحمة شهادة/السيدعلي محمد الحلو/ ص 88-89 بتصرف. (8)بحارالأنوار - ج 44 - ص 334 التعديل الأخير تم بواسطة abeer abuhuliqa ; 07-05-2025 الساعة 06:11 AM |
![]() |
|
|