عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05-26-2016, 06:19 PM
بثينه عبد الحميد بثينه عبد الحميد غير متواجد حالياً
Member
 
تاريخ التسجيل: Mar 2016
المشاركات: 91
افتراضي الفتح الرمضاني في الأخلاق والسلوك ...الدرس الثالث الفتح العقلي

خمسة دروس ألقيت في شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في مدينة الدمام
عن الفتح في شهر رمضان في الأخلاق والسلوك .
لسماحة الشيخ

��عبدالمحسن النمر��

الدرس الثالث: الفتح العقلي

�� بسم الله الرحمن الرحيم ��


( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)(الفتح شهر رمضان هو شهر الفتح ، ذكرنا على نحو الإشارة إلى أهم أسس الفتح الأخلاقي في هذا الشهر الشريف . . .
قراءة القرآن ولو ختمة واحدة أو اثنتين في هذا الشهر ، المحافظة على صلاة الليل مع الصلوات الرواتب اليومية ، دعاء الافتتاح ودعاء السحر ، والسجود لله شكراً في كل يوم ، أدعية المناجاة بصورة عامة ودعاء أبي حمزة الثمالي خاصة فهذا الدعاء يمثل مسلك علوي في الارتباط بالله عز وجل لا نظير له إلا عند زين العابدين عليه السلام وآبائه وأبنائه الطاهرين عليهم السلام . طول السجود ؛ ففي هذا الشهر السجود بصورة عامة هو أقرب المراحل أو أقرب وقائع الصلاة في الخلوة مع الله ، والصدقة بما تيسر للإنسان فالصدقه في هذا الشهر تفتح أبواب الخير وتدفع أبواب السوء .
حسن الخلق في هذا الشهر ففي الخطبة المعروفة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بعد ذكر – تقريباً- جميع أشكال التقرب إلى الله ، أمير المؤمنين عليه السلام يسأل : يا رسول الله أي الأعمال أفضل في هذا الشهر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " حسن الخلق "
حسن الخلق يتطلب من الإنسان أن يكون لين العريكة ، رفيقاً بأهل بيته وأصدقائه ومن بينه وبينهم علاقة . حسن الخلق يتطلب من الإنسان أن يكون فاعلاً معطياً محركاً دافعاً للآخرين إلى الله عز وجل .
في الحديث عن المفضل بن عمر قال قلت للإمام الصادق عليه السلام : ما الذي يباعد منّا الشيطان ؟ - الشيطان هو قائد جيوش الأعداء التي تواجهنا في حياتنا وفي هذا الشهر، المفضل يسأل الإمام عليه السلام ما الذي يباعد منا الشيطان ؟ - قال عليه السلام : " الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمآزرة على العمل الصالح يقطعان دابره والاستغفار يقطع وتينه " .
الخلاصة : نحن في هذا الشهر مدعون ومطلوب منا إذا كنا نريد فعلاً أن نتحرك ونتقدم وننال من فتوحات هذا الشهر أن نكون موجهين وداعين إلى الله ، الداعون إلى حب الدنيا والارتباط بالدنيا كثيرون ولكن المذكّرون بالله والمشجعون على عمل الخير قليلون .
يروى وينقل أن آية الله السيد محمد حسين الأصفهاني - وهو الفقيه العابد العارف الزاهد الورع الفيلسوف المخلص في حب محمد وآله صلى الله عليه وآله - سُأل سيدنا لو فرضنا أنه لم يبقى في حياتك إلاّ ساعات وبعدها أنت راحل إلى لقاء الله فكيف تقضي هذه السويعات - هذا العابد الزاهد الفيلسوف ، نحن عرضنا شخصيته لنعرف ماذا يقول - ماذا قال ؟! لم يقل أصلي ركعتين أو أُدرس درساً أو أضيف علماً قال : لو علمت أنه لو لم يبقى من عمري إلاّ سويعات لوقفت على دهليز بابنا لعلي أرى مؤمن يحتاج إلى أمر فأقض حاجته . إلى هذا الحد الإسلام يعطي لقضاء حوائج المؤمنين ولعمل الخير وحسن الخلق هذه القيمة .
هذا تقريباً ملخص يسير عن الأعمال التي يفترض أن نتحرك فيها خلال هذا الشهر في ساحة العمل والعبادة والسلوك لكن لا ننسى في عملنا هذا بأننا نسعى إلى مدد إلهي يغير حياتنا ويغير أخلاقنا وسلوكنا ؛ هذه الأعمال التي نقوم بها هي توسل إلى الله عز وجل في أن يتم ويكمل هذه الرغبة الموجودة عندنا .

الميدان الثاني : ساحة الحركة والصراع الثانية ، الفتح الثاني الذي نأمله في هذا الشهر هو فتح معرفي عقلي – يقول الله تعالى : (إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)( آل عمران القرآن يعطيك تنبيه في غاية الأهمية . في آخر الآية (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ(191)( آل عمران
ثم تكمل الآية دعائهم وطلبهم من الله .
وفي آية أخرى : (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)( الزمر وقد أعطى القرآن لأولي الألباب ؛ والألباب هي العقول والمعرفة أي اصحاب المعرفة والتفكر .
جعل القرآن منطلق وأساس العبادة ومحركها هو التفكر بمعنى أن العبادة إذا لم تكن تتغذى بالفكر والحوار مع النفس والتبصر فإن هذه العبادة لا تؤدي الغرض والغاية التي جعلت من أجلها ولو امتدت وطالت . تفكر ساعة خير من عبادة ألف سنة .

إن شاء الله لاحظنا كيف جعلت الآية التفكر والعبادة مدموجتان !! حقيقة العبادة تنطلق من البحث والنظر والسؤال بمعنى تحريك الذهن من معاتبة النفس " ليس منّا من لم يحاسب نفسه " لا تتحقق العبادة ، العبادة المقتدية بعبادة الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام إلاّ أن منطلقها التفكر والتعلم والبحث . الإنسان الذي يعتقد بأنه مجرد أن ينشغل في نهاره بأمور التجارة والمعاش ثم إذا أذن المؤذن ذهب إلى الصلاة ، وإذا جاء شهر رمضان صام ، وإذا جاء الحج حج ؛ دون أن يشغل ذهنه وفكره بالتعرف على الله !! فإن هذا الإنسان يكون قد فوت أهم أركان التقرب إلى الله عز وجل .
في الرواية " أن الإمام الصادق عليه السلام يضرب مثل لأصحابه لأنهم كانوا يذكرون له أن فلاناً كثير العبادة والتضرع وأثنوا عليه ؛ فقال لهم الإمام الصادق عليه السلام وما مقدار عقله ؟ ماذا يعرف ، ماذا تعلم ؟ وماذا أكتسب ؟ قالوا : لا نعلم . فقال عليه السلام : لا يتحقق حقيقة العبادة هكذا ؛ ثم يضرب لهم مثالاً فيقول : كان ملك من الملائكة يتجول في أنحاء الأرض فرأى عابداً منزوياً في منطقة خالية من الناس وكان له من حسن العبادة والصلاة ما أُعجب به ذلك الملك لإرادته القوية في اعتزل الناس فقال : يا رب هذا العابد ماذا له من الثواب على هذه الحالة ؟ فكشف الله عن بصر ذلك الملك فرأى أجر العابد أمراً قليلاً يسيراً ، فستقل الملك الأجر مع كل هذه العبادة !! فأوحى الله إليه أن أذهب إلى ذلك العابد وأبقى معه واستكشف حاله . ذهب الملك إلى العابد وجلس عنده ورأى عبادته وطاعته لله فأراد أن يستبصر حول مقدار ما في ذهن هذا العابد فقال ما أجمل هذه الأرض ! قال ذلك العابد : نعم ما أجملها لكن ليس لربنا حمار يأتي فينال من هذه الأرض الخضراء . فلتفت هذا الملك أن هذا العابد لم يأخذ من علوم الأنبياء ولم يكن له من المعرفة شيء ، لم يتعلم ولم يجلس بين يدي الأنبياء كي يستفيد ، كان عقله وحد ذهنه أن هذا الرب الذي يعبده ليس لديه حمير يرعون في هذه الأرض الخضراء !! ومنها فإن الله يعطيه بقدر عقله .
الامام علي عليه السلام يقول : " إن لها هنا علماً جماً لو وجدت له حملة " علم علي موجود ومعارف علي عليه السلام موجودة ، إذن عبادتنا طوال السنة وربما ننشغل وليس لدينا مجال لكن نسأل الله أن لا يدركنا الموت ونحن على هذا الحال .
لنخطوا في التعرف عليه سبحانه خطوة جادة .
دفع شبهة :
لنلتفت لنقطة مهمة قبل الدخول في المثال العملي ، نحن أحياناً نجعل لنا مبرراً وحجاباً عن الحركة العلمية والتعرف ، نحن نتصور أن معرفة الله والمعرفة الكمالية تحتاج إلى إنسان ذكي وفطن ويقرأ الكتب العلمية ويدرس المنطق والفلسفة حتى يمكن أن يكون إنسان عارف بالله تعالى . قال تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ) 125)) الأنعام إذا أنت توكلت على الله وعزمت على أن تكون من المرتبطين بالله وتحركت في هذا الأمر فإن الله يشرح صدرك فلا تحتاج أن تكون من أهل الدرجة الأولى في العلم . وإنما تحتاج إلى صدق نية ، تحتاج إلى إخلاص .
بعض العلماء يذكر في تاريخ حياته يقول أنا عالم مشهود . . يقول أنا حجة الله على الناس . . ولكن أنا كنت من أقل الناس فهماً ومعرفةً ، أنا إنسان بليد ويصعب عليّ أن أحفظ وأفهم وأتعلم وقد بلغت من مراتب الكمال ما بلغت ، وهذا بجدة وإخلاص حتى رأى الله فيّ صدق الطلب .
الحركة الفكرية في التعرف على الله :

النقطة الأخيرة هي أننا نريد أن نخرج من هذا الدرس بحركة وهي في أي شيء نتفكر ؟؟ وما المقصود من التفكر ؟؟
.........يتبع

التعديل الأخير تم بواسطة بثينه عبد الحميد ; 06-01-2016 الساعة 02:08 AM
رد مع اقتباس